كنتُ أبحث في بعض القواميس عن واقع السياسة والساسة في بعض البلدان فلفت نظري إلى ما يلي ” يُشير مصطلح الفسق السياسي إلى الكُفر في عدم ممارسة المُثُلْ السياسية التي من المفترض أن تعمل لصالح الشعوب والأوطان ” . ولكن في الجمهورية اللبنانية الحالية والتي تُدار من قبل مجموعات سياسية متناحــرة هي أشبه ب”الكرخانة” لأنّ هناك ساسة نُكراء الجميل ومتكّبرين متعجرفين لا سيما من هم في مركز المسؤولية .
غالبا ما يزورني بعض الدبلوماسيين الذين هم على صداقة معي ومع مكتبي في بيروت حيث عملوا في هذا الإطار وفي المطلق يوّصفون ساسة لبنان بأنّ عندهم تكبّر مفرط وبخاصة تجاه من كانوا خارج السلطة والذين دخلوها وإغتنوا من المال العام وها هم اليوم يتخوّفون من وصول القضاء إليهم ، ولكن ما في اليد حيلة حاليا إنهم ما زالوا طلقين يُطبقون القانون بشكل إستنسابي وبشكل إنتقائي وها هو الحاكم السابق لمصرف لبنان يدفع الثمن وحيدًا ، كلّي أمل أن تشمل التحقيقات الجميع ومن دون إستثناءات.
لفتني ما قاله السيد وئام وهاب من على أحد المواقع الإلكترونية وما حرفيته ” أخذت لائحة لفخامة الرئيس ميشال عون عن بعض السارقين وهي كانت بمثابة إخبار ، وبعد أن دقق بالأسماء قال لي :إتركيلي ه الإسم ” ، وعندما أصر المحاور على تسمية السارقين كان جواب الأستاذ وهاب “بيقتلونا” نعم إنها سياسة الإنحلال الفسق العار الذل . رئيس جمهورية يدّعي العفة السياسية يطالب بشطب إسم ، ووزير سابق يتخوّف من قتله إذا باح للعلن بإسم … أين نحن من الطهارة في الممارسة السياسية ، ويأتون إلينا طالبين منّا أن نُصوّت لهم … صدق أحد مسؤولي مكتب بيروت عندما قال للذين راجعوه في أخر إنتخابات : في حال عدتم وإنتخبتم نفس الأشخاص فأنتم تكتبون ورقة نعييكم بأيديكم .
ساسة لبنان يعانون من الإضطراب العقلي ومن الشعور بالدونيّة ، ويسعون إلى تعويض هذا النقص بالإفراط في تصنعهم للمكانة وللسطوة الإجتماعية ، ومجاوزتهم للحدود الإجتماعية ، وما تآلف عليه عقلاء المجتمع من أعراف وتقاليد وتصرفات أخلاقية. أسباب فسقهم السياسي مكوّن من سفالة أطباعهم الأساسية وإنهم يتجاوزون حدود كل ما هو أخلاقي … لماذا يعطلون عمل المؤسسات ؟ لماذا يعرقلون سير العدالة ؟ لماذا يتملّصون من جريمة تفجير مرفأ بيروت جريمة العصر ؟ لماذا يتملّصون من الجرائم المالية ويحيلونها إلى الحاكم السابق ؟ حقا إنهم كذبة والعار يسكنهم لا بل يلتصق بهم .
للأسف هذه هي الحقيقة إنّ الشعب اللبناني في ظل هؤلاء الساسة يعيش أكثر الفترات السياسية الحرجة وهي موسومة بالإنحطاط في كل شيء بدءًا من المبادىء إلى الأخلاق إلى الإزدواجية إلى الإرتهان إلى العمالة… أين نحن من المعايير والأخلاق إنهما مفقودتان من كل السياسيين ، نعم لنا الحق في هذا التوصيف لعدة أسباب ألا وهي كثيرة وخطيرة ولكن سأذكر منها ” سرقة المال العام – ضرب المؤسسات الرسمية – تجيير السيادة – التدخلات في شؤون الغير “…
إنها اللعبة القذرة التي يُمارسها رجال السياسة في لبنان ، يمارسونها وفق مصلحة الغريب ويدّعون العفّة في السياسة وهم مجرد عملاء للخارج إستوطوا حائط الوطن وإستباحوا الكرامات وهجّروا الشعب وعمت البطالة … إنها السياسة المريضة العاهرة سياسة وصلت إلى قمة الإنتهازية وأصبحت في الأسفل والأنكى يقولون إنهم مرشحين لرئاسة الجمهورية فعلاً إللي إستحوا ماتوا .
نحن في لبنان نُعايش زمن العار السياسي مكرهين ويتعيّن علينا الإنصياع وإلاّ تصدر بحقنا أحكام تعسفية والويل ثم الويل إن طالبنا بالسيادة الوطنية ، يأتيك عميل من هنا وهناك ليستأسد بالدفاع عن مصالح إيران وغيرها والأنكى يُعطينا دروسا في الوطنية ويتناسى نفسه إنه عميل حقير لا يحق له النظر إلينا … في هذا الجو سنضطر للذهاب لمجلس الأمن لإجراء المقتضيات القانونية لأننا في ظل سياسة إنحلال وفسق وذل وعار .
الدكتور جيلبير المجبِّرْ