حرّك تقرير عرضه “مركز بيروت للأخبار” حول الأضرار الخطيرة للتلوث البيئي في بيروت، المياه الراكدة في أروقة مؤسّسات البحث العلمي من جهة، ما أسفر عن إصدار الجامعة الأميركية في بيروت دراسة أكدت معلومات موقعنا الموثقة علمياً، ومن جهة أخرى إطلاق كتلة “اللقاء الديمقراطي” النيابية صرخة بيئية سلطت الضوء على هذه الأزمة الخطيرة، في ظل تراجع الوعي البيئي في لبنان عموماً وبيروت خصوصاً، ما ساهم في إعطاء هذا الملف زخماً وبُعداً خطيرين، ليعود الشأن البيئي ومخاطره إلى واجهة الأحداث رغم في شؤون السياسة وشجونها.
المحافظ على خط الحلحلة
عاد الاهتمام بقوة بالشأن البيئة البيروتي تحديداً، بل تحول إلى مادة جدلية على المستوى السياسي والإعلامي والاجتماعي، نتيجو الضرر الصحي الكبير الناجم عن انبعاثات مولدات الكهرباء، فدخل محافظ العاصمة القاضي مروان عبود على الخط في محاولة لإيجاد حل جدي ونهائي، بعيداً عن حلول الترقيع التي يشتهر بها.
طلب المحافظ من أصحاب المولّدات الالتزام بالمعايير الصحية، لاسيما تركيب “عوادم – دواخين” بمواصفات تحمي البيئة وتحافظ عليها، وبالفعل بدأ العمل من خلال دوريات للأجهزة المعنية التابعة لبلدية بيروت لتطبيق الشروط المطلوبة.
وإذ حذّر أصحاب المولّدات من عدم التجاوب مع القرارات الصادرة، دعا إلى ضرورة الالتزام بها تحت طائلة الإجراءات القانونية، وختم المولّد بالشمع الأحمر، ما أشاع جوّاً من الارتياح لدى المواطنين، بعد غزا أكثر من 1500 مولد كهربائي الأحياء البيروتية عموماً.
سرياني يتابع الإجراءات شخصياً
من جهتها، واكبت البلدية الإجراءات التنفيذية لمقررات القاضي عبود حتى يتحول الحبر على الورق إلى واقع ملموس على الأرض، من هنا أكد عضو مجلس بلدية بيروت أنطوان سرياني – الذي واكب التنفيذ شخصياً – أن هذه العملية مهمة جداً، خاصة أن المواطن والمسؤول يسعيان للحفاظ على الصحة العامة خاصة في بيروت المكتظة بالناس كباراً وصغاراً.
ولفتت إلى أن الدراسات العلمية الحديثة أثبتت ارتفاع نسبة التلوث في الأجواء البيروتية بشكل رهيب، لذلك أصبحت الإجراءات الوقائية شأن لا بد منه، للحد من انبعاثات عوادم المولّدات والمركبات والآليات الأخرى.
دراسة AUB ناقوس خطر
وفي ما يتعلق بالدراسة التي نشرها الخبراء البيئيون في الجامعة الأمريكية ببيروت (AUB)، فقد خلصوا إلى أن اعتماد العاصمة اللبنانية المفرط على مولّدات الديزل في السنوات الخمس الماضية ضاعف بشكل مباشر من خطر الإصابة بالسرطان.
وتؤثر هذه المشكلة بالدرجة الأولى على بيروت، خاصة في المناطق المكتظة بالسكان مثل منطقة المقاصد (الطريق الجديدة)، وعادة ما تكون مستويات التلوّث الناتج عن الجسيمات الدقيقة المعروفة باسم PM2.5، وتصل إلى 60 ميكروغراماً لكل متر مكعب، وفقاً لصحيفة “غارديان” البريطانية.
هذه الكمية أعلى بأربع مرات من الحد الموصى به من قبل منظمة الصحة العالمية وهو 15 ميكروجرام/م3، ما يؤكد أنّه لا ينبغي أن يتعرض الأشخاص لهذا المستوى لمدة لا تزيد عن ثلاثة إلى أربعة أيام في السنة.
الانهيار الاقتصادي “أم العلل”
نجم ذلك عن الانهيار الاقتصادي في لبنان، الذي أدى إلى شبه انهيار في شبكة الطاقة الحكومية، ما تسبب في زيادة استخدام مولّدات الديزل، ما أسفر عن حلقة مفرغة، حيث تستمر المولدات في تلويث الهواء، ما يؤدي إلى تفاقم المشكلات الصحية، بما في ذلك السرطان.
من الجيدر الإشارة إلى أن مركبات الهيدروكاربونات، اكاسيد الكبريت، اكاسيد النيتروجين، اكاسيد الكربون، الدقائق المادية والعناصر الثقيلة خصوصا الرصاص وجميعها لها أضرار متنوعة على الصحة العامة وحياة الحيوان والنبات، وكلها ناتجة عن استخدام الوقود من بنزين ومازوت، وهي تسبب في زيادة الإصابة بالأورام السرطانية.