أيها اللبنانيّون الشرفاء ، إلى جانب المواقف السياسية التي يُطلقها رجال السياسة ورجال الدين في الجمهورية اللبنانية والتي لا تعبر بدقة عن التفكير السياسي السليم في أوساط القرار الرسمي المستند إلى مبادىء العلوم السياسية وبصفتي مغترب ومتعلق بأرضي وبسلامة الدولة التي أنتمي إليها عقائديا وفكريا ووطنيا ، كل المراجعات والتصرفات التي يقوم بها هؤلاء القوم الذين أتوا إلى السلطة خلافا للنظام الديمقراطي لا توحي بأي ثقة ولا بأي بصيص أمل من شأنهما إعادة الأمور إلى نصابها .
أيها اللبنانيّون الشرفاء ، طبول الحرب تُقرع على مصراعيها وأغلب الظن أنّ التعدّي على السيادة الوطنية هو حتمي من حيث المبدأ ، فالساسة في لبنان ورجال الدين هم الذين أفسدوا مبدأ السيادة التامة والناجزة إضافة إلى عامل الميليشيات المستشري في الجمهورية والذي يُخالف أبسط قواعد إتفاقية وثيقة الوفاق الوطني التي تضمنت فيما تضمنت بندا أساسيا إلا وهو حل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية والتي هي بطبيعة الحال تخالف مبدأ السيادية وقانون الدفاع الوطني الذي يولي في مادته الأولى مهمة الدفاع عن لبنان بواسطة القوى اللبنانية الشرعية حصريا ، إضافة لهذا الخرق الفاضح للدستور هناك تهديد من الحكومة الإسرائيلية بضرب كل البنى التحتية للجمهورية اللبنانية بسبب القصف التي تتعرض له بعض المدن الإسرائيلية على طرفي الحدود وهذا الأمر سيسبّب حتما دمارا على شاكلة العام 2006 ، لأسأل رجال السياسة ورجال الدين عن خططهم لمنع هذا الإنفلات الأمني على الحدود الجنوبية ؟ فعلا أهل الجنوب باتوا كبش محرقة ولا طاقة لهم على تحمل وزر هذه الحرب.
أيها اللبنانيّون ، إلتقيت بالأمس بأحد الدبلوماسيين الأجانب وتطرقنا لما آلت إليه الأزمة اللبنانية ، وللأمانة كانت مطالعته سوداوية وخطيرة ، المجالس بالأمانات ولكن يحق لي كمواطن لبناني حريص على سيادة دولتي وضنين بدماء شعبي أنْ أكشف ولو الجزء اليسير مما قاله لي هذا الدبلوماسي المتألم على وضع لبنان خلافا للحكام الروحيين والزمنيين وتمحور كلامه على الشكل التالي ” صديقي وأخي إن فكرة الحرب على لبنان هي على ما يبدو أساسية وعلى جدول أعمال بعض الدول الفاعلة في مجلس الأمن ، ويجب عليكم الأخذ بالحسبان أن مقاربة هذه الدول لأي حرب محتملة وتقديرها هذه المرة ليس خاطئا لذلك هناك عملية تخطيط واسعة النطاق من أجل إنجاحها نظرا للضرر التي تسببه الميليشيات عندكم … إنني أتمنى ألا تقع ولكن التمنيات شيء والوقائع أمور مختلفة ، تيقنوا وإنتبهوا المرة الحرب ليست نزهة هناك خسارة كبيرة ، وفي المناسبة هل يتجرأ أي واحد منكم بالمطالبة بوقف هذه الحرب ؟ حتما لا …”
أيها اللبنانيّون ، كفى تنظير وكذب وتخدير للرأي العام هل يملك أحدا من هؤلاء الساسة ورجال الدين فكرة عما هو حاصل اليوم في لبنان ؟ قطعا لا ولو كانوا يملكون ذرة ضمير ويقظة سياسية لما سمحوا بإحتلال مراكز القرار في لبنان ، وهل بإستطاعتهم تبرير ما هو حاصل من أمور وسيطرة وقبضة حديدية على كل مراكز القرار ؟ حتما لا إنهم جماعة خونة كبّلوا الدولة وجيّروا السيادة الوطنية وجلسوا على كراسي العار والألعـــن من كل ذلك يُحاضرون بالعفة السياسية ويطالبون بالقضاء على الفساد وهل يعقل أن يحاكم حاكم فاسد أفسد منه .
أيها اللبنانيّون ، طبيعة نظامنا السياسي مخالفة تماما لما هو قائم اليوم ليتولد سؤال ملازم معي منذ فترة : كيف لمجتمع حر متحرر صاحب تاريخ عظيم مناضل قاوم الصليبيين والأتراك ومن أتاه فاتحا ولا يتصرف بتاريخه النضالي وهو اليوم مستسلم لسلطة الأمر الواقع ؟ إلى غيره من الأسئلة التي لا تنتهي والتي لا يلوح في الأفق إمكانية تقديم إجابات حاسمة لها على أي حال.
أيها اللبنانيّون ، كفى تنظير هيا بنا إلى العمل السياسي المنظم الخالي من أي مصالح خاصة كي نعيد لجمهوريتنا أصالتها التاريخية والحضارية والديمقراطية حاملين لواء التحرر ولواء المساءلة القضائية لكل هذه الطبقة السياسية ومن دون إستثناء.
الدكتور جيلبير المجبِّرْ