“ضيعانك يا بلادي فينا ، ضيعانك يا بلادي فينا يا عمّي كيف حاملتينا ؟! طقش وفقش ونفشة ريش كذب وتلبيس طرابيش،والريِّسْ يِسْلمْ ويعيش ن كان منيح ن كان وحيش ، أي والله ضيعانك فينا ، شعبك بيبربر مش راضي بينق ع الفاضي ، حط الورقة بالصندوق ع العِمضاني حِطّا … زوق ، شِّم الليرة أوعا تــدوق تــمّ الواجب يّلا … سوق ، يا شاطر ضهرك فرجينا ” الأستاذ مطانيوس ناعسي … والله معو حق شاعرنا مطانيوس فعلاً إنها المافيات بإمتياز .
إلتقيت في دارتي هنا دبلوماسيا خدم أكثر من خمس سنوات في الشرق الأوسط وفي أغلب هذه السنين كانت فترة إقامته الجمهورية اللبنانية حيث من المتعارف في اللغة الدبلوماسية أن المجتمعات المتطوّرة يغلبها الطابع القانوني ، ولكن في المجتمع اللبناني وفق خبرة هذا الدبلوماسي العتيق إنّ الغلبة هي للمافيات الحاكمة وللسلطة الفاسدة والمُفسدة والتي ” نظّمت نفسها على كل الصعد السياسية الأمنية المالية الإقتصادية الإجتماعية في مافيات تعمل في العلن تتحدّى القانون والدستور ولا من يستطيع مساءلتها “.
في نظام المافيات من المستحيل أنْ يُحاكم مرجع سياسي أو أمني أو دبلوماسي أو مسؤول إداري عن أي جرم يقترفه ، لأنّ هذا المسؤول غالبا ما يكون محميا من سلطة داخلية تتعاطى مع مرجعية إقليمية تسعى للإطباق على كل مفاصل الجمهورية اللبنانية وفي الحالة اللبنانية لا يمكن لأي مرجع مسؤول متحرر أن يُساءل أي مفاياوي عن طريقة عمله … المسؤول يرتشي ويسرق المال العام … أكثر من ذلك هذه المافيا القائمة تتحرك في كل إدارات الدولة على الملء دون حسيب ولا رقيب وغالبا ما تكون هي المرجع وليس الوزير أو المدير العام أو الموظف .
إستنتجتُ من هنا أنّ المافيات في الجمهورية اللبنانية هي على علاقة وثيقة ومتينة بمافيات عالمية إقليمية لبيع الأسلحة لتجارة الممنوعات ولتهريب المخدرات لتصدير الإرهاب ومافيا تجويع الناس عبر العملة الصعبة … مافيا تعمل بالتنسيق مع مافيات دولية لضرب سمعة لبنان الوطنية ولضرب هيبة المؤسسات الرسمية … هذا على هذه الصعد أما على الصعيد الدستوري فإن الجمهورية تحولت إلى ما يُشبه “كازينو للميسر”، تديرها مافيا منسجمة مع بعضها البعض تعمل خلافا للدستور وللقوانين ولشرعة حقوق الإنسان من مراكز داخل الجمهورية ولها فروع مشرّعة الأبواب في كل الدول حيث يقيم بعض عملاء هذه المافيات ويديرون الأعمال السوداء …
إنّ سكوت رجال الدين والرأي العام اللبناني عن هذه المافيات يشكل تناغما لا بل إنسجاما مع هذه اللعبة القذرة المذكورة وإلاّ كيف يُفسّرون هذا الرضى عن رجال المافيا اللبنانية في كل إدارات الجمهورية اللبنانية ؟! أيعلم بطريرك الموارنة وغيره من البطاركة والمفتي والإمام وشيخ العقل والساسة أن هناك أنواعا عديدة للقاعدة السياسية القانونية ومنها : القاعدة الدستورية – القاعدة المدنية – القاعدة الجنائية ، ومن الطبيعي أن تتنوع المسؤولية وفقا لأساس المخالفة التي هي سبب قيامها ولهذا المافيات في لبنان لا تتقيد بأي قاعدة من القواعد المذكورة والمؤسف أن من ذكرناهم من رجال الدين لا يُعيرون أي إهتمام لهذه المخالفات لا بل يتناغمون معها ويتغاضون عنها .
التكاذب الممارس من قبلْ المافيات الحاكمة لا يبني عائلة ولا يبني مجتمع ولا يبني وطن ولا يبني إنسان .. يبني غابة وحوش وزعران هل يُدرك رجال الدين هذا الواقع المرير ؟! نعم بلطجة زعماء المافيات والإجرام تتفوق على المواطن اللبناني حطّموا كل شيء وما من أحد بإستطاعته الدفاع عن الجمهورية ومؤسساتها والسبب أننا في نظام مافيا بإمتياز … رحم الله أمي نوال عندما كانت تُسمعني هذا المثل ” تلات ساعات ع الحيط : ساعة الحقيقة مأخــرة ، ساعة الصفر واقفي ، ساعة التخلّي ماشيي متل الساعة”.
نظام المافيات مدارس ولكن مدارس بالسرقة والذل والعار والكذب والرياء والوهن ورهن الوطن ، نعم إننا في زمن المافيات في الجمهورية اللبنانية … لنصلي كي نخلص
.
الدكتور جيلبير المجبِّرْ