بقلم الدكتور جيلبير المجبِّرْ
لمن بقيتْ أخلاقه سالكة نحــو الحق ،سألتْ أحد المستشارين المتخصصين في علم السياسة عن علاقة الأخلاق في العمل السياسي والديني ولكن جوابه كان بما يُعرف فلسفة السؤال وجوابه كان على الشكل : ” هل يمكن للسياسة أن تقوم دون إستناد إلى الأخلاق والقيم ؟ ” وإستطردت لأسأل رجال السياسة والدين في لبنان : هل من الممكن للعقل أن يتحكّم في الغريزة فتنشأ الصوابية السياسية ؟ حتما الجواب سيكون على مستوى الساسة ورجال الدين في لبنان لا سياسة صادقة ولا فضيلة في الممارستين السياسية والدينية .
لمن بقيتْ أخلاقه سالكة نحــو الحق ، إنّ السياسة بطبعها اللبناني في هذه الأيام العجاف تضارب مصالح مادية ومعنوية وتحقيق الشهوات ، ومنها على سبيل المثال ليس الحصر : شهوة الجاه ( عند العلمانيين والروحيين ) ،شهوة السلطة وغريزة التسلّط والهيمنة على مراكز القرار العلمانية والدينية وتحقيق تبعية المستضعفين … تلك هي السياسة في الجمهورية اللبنانية . إنني بإسم الأكثرية المجروحة والمتألمة من شعبي المسكين أطرح سؤالاً على ممتهني السياسة وعلى رجال الدين أو بعضهم (حتى ما يزعــل إللي معتبرين حالن “شريف مكّة ويسوع ،وهني بعاد كل البعد عن هذا الواقع”)ألا يستفيد الإستقراء يا سادة من التجارب بأنه لولا قدر من الإلتزام المبدئي بالقيم المثلى وبالتعاليم الدينية وبعلم السياسة بإمكان تحقيق مجتمع مثالي متحرر من الظلم وممجوج بالعدالة والمساواة والتحرر؟
لمن بقيتْ أخلاقه سالكة نحــو الحق ، حرمان وظلم وإستكراد وأنين شعبنا اللبناني بكل أطيافه ، عجز المرضى عن الإستشفاء، هدر دماء اللبنانيين والجنوبيين خاصةً والتخلّي عن القيم والمبادىء والدستور والقوانين ، وفحش سياسي وديني يسترسل في قضم حقوقنا … هؤلاء هم فدرالية الطوائف والمذاهب يحكمون بالذل والعار والزنى السياسي ، نعم هم زناة الوطن سرقوا كل خيراتنا هل يعلم هؤلاء الكذبة ومنتحلي صفة ” سياسي ” وصفة “رجل دين ” أنّ أكثر من 79 % من المتقاعدين يفتشون عن عمل بعد تقاعدهم ليعتاشوا ولكي يستمرّوا في تأمين مستلزماتهم الحياتية بما فيها الطبيّة التي هم بأمّسْ الحاجة لها … أي نوع من رجال سياسة ودين هؤلاء ؟
لمن بقيتْ أخلاقه سالكة نحــو الحق ، سألتُ أحد رجال الدين هنا في فرنسا عن واقعنا الديني والسياسي في لبنان فكانتْ إجابته شبة فلسفية ” تكمن قيمة القيم والأخلاق التي هي نتاج تنشئة إجتماعية ودينية تكون أصولها في الغالب دينية حيث إن الدين الذي يرجع أصله إلى الوحي إختصر على الإنسانية مسافات طويلة كان عليها أن تقطعها قبل أن تكتشف بالعقل والحكمة المتراكمة المبادىء العامة للنظام الأخلاقي ” وللأسف في لبنانكم تفتقدون للقيم الأخلاقية والدينية وإلاّ هل بإمكانك تفسير ما يحصل من خراب في ظل سكوت وتغاضي رجال السياسة والدين عندكم؟
لمن بقيت أخلاقه سالكة نحــو الحق ، وفق وجهة نظري وهي لسان حال أغلبية شعبي المنكوب وهذا الأمر يتداوله رأيٌ شائع هو أنه لا أخلاق في السياسة ولا سياسة في الأخلاق ، فالسياسة في لبنان هي إدارة مصالح الطبقتين الروحية والعلمانية بصرف النظر عن الأخلاق ومصلحة لبنان ومؤسساته ومصلحة الشعب اللبناني . المنطق العلمي للعلوم الإنسانية يقول أن لكل إنسان خطيئة وهذا الأمر لا يشكل طبعا كشفا علميا ولا فضيحة لخطوط خفية من ملامح غائبة في حياة شعبنا اليومية ، كل هذا معروف بوضوح … هذا الأمر بات يتطلب حركة وعي وتحرر من رذالة هؤلاء وبات الأمر ملّح للغاية.
لمن بقيتْ أخلاقه سالكة نحــو الحق ، وفق إعتقادي وإستنادًا لبعض المناقشات يجب العمل رسميا على إيجاد حركة تمرّد علمانية ودينية على سلطتي الأمر الواقع وهدف هذه “الحركة التمردية” تحرير القرارين العلماني والديني الخاضعة لسيطرة العقل الأسود في وقت نعاني أزمة سياسية – أمنية – إقتصادية – إجتماعية خطيرة سببها هاتين السلطتين ، هل من سيتجرأ على ملاقاتنا في نصف الطريق أم سيبقى منزويًا متلطيًا وراء التنظير ؟…